الصِّرَاطَالْمُسْتَقِيمَوهدايته
Friday, 13 May 2016
بسم الله الر
الحمن الريم
Nama:
M. SadidGhufron
Kelas
: B3
NIM : 084142106
الصِّرَاطَالْمُسْتَقِيمَوهدايته:
حَتَّى يُفْنِيَ
بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَلَا تُغْنِيَ عَنْهُمْ تِلْكَ الْهِدَايَاتُ شَيْئًا
فَاحْتَاجُوا إِلَى هِدَايَةٍ تُرْشِدُهُمْ فِي ظُلُمَاتِ أَهْوَائِهِمْ ، إِذَا
هِيَ غَلَبَتْ عَلَى عُقُولِهِمْ ، وَتُبَيِّنُ لَهُمْ حُدُودَ أَعْمَالِهِمْ
لِيَقِفُوا عِنْدَهَا وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ عَمَّا وَرَاءَهَا . ثُمَّ إِنَّ
مِمَّا أُودِعَ فِي غَرَائِزِ الْإِنْسَانِ الشُّعُورُ بِسُلْطَةٍ غَيْبِيَّةٍ مُتَسَلِّطَةٍ
عَلَى الْأَكْوَانِ يَنْسِبُ إِلَيْهَا كُلَّ مَا لَا يَعْرِفُ لَهُ سَبَبًا .
لِأَنَّهَا هِيَ الْوَاهِبَةُ كُلَّ مَوْجُودٍ مَا بِهِ قِوَامُ وُجُودِهِ ،
وَبِأَنَّ لَهُ حَيَاةً وَرَاءَ هَذِهِ الْحَيَاةِ الْمَحْدُودَةِ ، فَهَلْ
يَسْتَطِيعُ أَنْ يَصِلَ بِتِلْكَ الْهِدَايَاتِ الثَّلَاثِ إِلَى تَحْدِيدِ مَا
يَجِبُ عَلَيْهِ لِصَاحِبِ تِلْكَ السُّلْطَةِ الَّذِي خَلَقَهُ وَسَوَّاهُ ،
وَوَهَبَهُ هَذِهِ الْهِدَايَاتِ وَغَيْرَهَا ، وَمَا فِيهِ سَعَادَتُهُ فِي
تِلْكَ الْحَيَاةِ الثَّانِيَةِ ؟ كَلَّا إِنَّهُ فِي أَشَدِّ الْحَاجَةِ إِلَى
هَذِهِ الْهِدَايَةِ الرَّابِعَةِ - الدِّينِ - وَقَدْ مَنَحَهُ اللهُ تَعَالَى
إِيَّاهَا .
أَشَارَ
الْقُرْآنُ إِلَى أَنْوَاعِ الْهِدَايَةِ الَّتِي
وَهَبَهَا اللهُ تَعَالَى لِلْإِنْسَانِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا قَوْلُهُ
تَعَالَى : (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) أَيْ طَرِيقَيِ السَّعَادَةِ
وَالشَّقَاوَةِ وَالْخَيْرِ وَالشَّرِّ .قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ : وَهَذِهِ
تَشْمَلُ هِدَايَةَ الْحَوَّاسِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ ، وَهِدَايَةَ
الْعَقْلِ وَهِدَايَةَ الدِّينِ ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى : (وَأَمَّا
ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى) أَيْ
دَلَلْنَاهُمْ عَلَى طَرِيقَيِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، فَسَلَكُوا سُبُلَ الشَّرِّ
الْمُعَبِّرِ عَنْهُ بِالْعَمَى . وَذَكَرَ غَيْرَ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ مِمَّا
فِي مَعْنَاهُمَا ثُمَّ قَالَ :
بَقِيَ
مَعَنَا هِدَايَةٌ أُخْرَى وَهِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
(أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ) فَلَيْسَ الْمُرَادُ
مِنْ هَذِهِ الْهِدَايَةِ مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ ، فَالْهِدَايَةُ فِي الْآيَاتِ
السَّابِقَةِبِمَعْنَى الدَّلَالَةِ ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ إِيقَافِ الْإِنْسَانِ
عَلَى رَأْسِ الطَّرِيقَيْنِ : الْمُهْلِكُ ، وَالْمُنْجِي ، مَعَ بَيَانِ مَا
يُؤَدِّي إِلَيْهِ كُلٌّ مِنْهُمَا ، وَهِيَ مِمَّا تَفَضَّلَ اللهُ بِهِ عَلَى
جَمِيعِ أَفْرَادِ الْبَشَرِ . وَأَمَّا هَذِهِ الْهِدَايَةُ فَهِيَ أَخَصُّ مِنْ
تِلْكَ ، وَالْمُرَادُ بِهَا إِعَانَتُهُمْ وَتَوْفِيقُهُمْ لِلسَّيْرِ فِي
طَرِيقِ الْخَيْرِ وَالنَّجَاةُ مَعَ الدَّلَالَةِ ، وَهِيَ لَمْ تَكُنْ
مَمْنُوحَةً لِكُلِّ أَحَدٍ كَالْحَوَاسِّ وَالْعَقْلِ وَشَرْعِ الدِّينِ .
وَلَمَّا
كَانَ الْإِنْسَانُ عُرْضَةً لِلْخَطَأِ وَالضَّلَالِ فِي فَهْمِ الدِّينِ وَفِي
اسْتِعْمَالِ الْحَوَاسِّ وَالْعَقْلِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ، كَانَ مُحْتَاجًا
إِلَى الْمَعُونَةِ الْخَاصَّةِ ، فَأَمَرَنَا اللهُ بِطَلَبِهَا مِنْهُ فِي
قَوْلِهِ (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) فَمَعْنَى " (اهْدِنَا
الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ " دُلَّنَا دَلَالَةً تَصْحَبُهَا مَعُونَةٌ
غَيْبِيَّةٌ مِنْ لَدُنْكَ تَحَفَظُنَا بِهَا مِنَ الضَّلَالِ وَالْخَطَأِ ، وَمَا
كَانَ هَذَا أَوَّلَ دُعَاءٍ عَلَّمَنَا اللهُ إِيَّاهُ ، إِلَّا لِأَنَّ
حَاجَتَنَا إِلَيْهِ أَشَدُّ مِنْ حَاجَتِنَا إِلَى كُلِّ شَيْءٍ سِوَاهُ .
ثُمَّ
بَيَّنَ مَعْنَى الصِّرَاطِ (وَهُوَ الطَّرِيقُ) وَاشْتِقَاقُهُ ، وَقِرَاءَةُ
الصِّرَاطِ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَاشْتِقَاقُهَا عَلَى نَحْوِ مَا فِي كُتُبِ
اللُّغَةِ وَالتَّفْسِيرِ ، وَمَعْنَى الْمُسْتَقِيمِ : وَهُوَ ضِدُّ الْمُعْوَجِّ
، وَقَالَ : لَيْسَ الْمُرَادُ بِمُقَابِلِ الْمُسْتَقِيمِ الْمُعْوَجَّ ذَا
التَّمَوُّجِ وَالتَّعَارِيجِ ، بَلِ الْمُرَادُ : كُلُّ مَا فِيهِ انْحِرَافٌ عَنِ
الْغَايَةِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ يَنْتَهِيَ سَالِكُهُ إِلَيْهَا .
وَالْمُسْتَقِيمُ فِي عُرْفِ الْهَنْدَسَةِ : أَقْرَبُ مُوَصِّلٍ بَيْنَ
طَرَفَيْنِ ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَازِمٌ لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ كَمَا هُوَ
ظَاهِرٌ بِالْبَدَاهَةِ . وَإِنَّمَا قُلْنَا : إِنَّ الْمُرَادَ بِمُقَابِلِ
الْمُسْتَقِيمِ كُلُّ مَا فِيهِ انْحِرَافٌ ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَمِيلُ
وَيَنْحَرِفُ عَنِ الْجَادَّةِ يَكُونُ أَضَلَّ عَنِ الْغَايَةِ مِمَّنْ يَسِيرُ
عَلَيْهَا فِي خَطٍّ ذِي تَعَارِيجَ ؛ لِأَنَّ هَذَا الْأَخِيرَ قَدْ يَصِلُ إِلَى
الْغَايَةِ بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ . وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ لَا يَصِلُ إِلَيْهَا
أَبَدًا . بَلْ يَزْدَادُ عَنْهَا بُعْدًا كُلَّمَا أَوْغَلَ فِي السَّيْرِ
وَانْهَمَكَ فِيهِ .
وَقَدْ
قَالُوا : إِنَّ الْمُرَادَ بِالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ ، الدِّينُ ، أَوِ الْحَقُّ
، أَوِ الْعَدْلُ ، أَوِ الْحُدُودُوَنَحْنُ نَقُولُ : إِنَّهُ جُمْلَةُ مَا
يُوَصِّلُنَا إِلَى سَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ عَقَائِدَ وَآدَابٍ
وَأَحْكَامٍ وَتَعَالِيمَلِمَ سُمِّيَ الْمُوَصِّلُ إِلَى السَّعَادَةِ مِنْ
ذَلِكَ صِرَاطًا وَطَرِيقًا ؟ خُذِ الْحَقَّ مَثَلًا وَهُوَ الْعِلْمُ الصَّحِيحُ
بِاللهِ وَبِالنُّبُوَّةِ وَبِأَحْوَالِ الْكَوْنِ وَالنَّاسِ ، تَرَى مَعْنَى
الصِّرَاطِ فِيهِ وَاضِحًا ؛ لِأَنَّ السَّبِيلَ أَوِ الصِّرَاطَ مَا أَسْلُكُهُ
وَأَسِيرُ فِيهِ لِبُلُوغِ الْغَايَةِ الَّتِي أَقْصِدُهَا ، كَذَلِكَ الْحَقُّ
الَّذِي يُبَيِّنُ لِيَ الْوَاقِعَ الثَّابِتَ فِي الْعَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ هُوَ
كَالْجَادَّةِ بَيْنَ السُّبُلِ الْمُتَفَرِّقَةِ الْمُضِلَّةِ ، فَالطَّرِيقُ
الْوَاضِحُ لِلْحِسِّ ، يُشْبِهُ الْحَقَّ لِلْعَقْلِ وَالنَّفْسِ ، سَيْرٌ
حِسِّيٌّ ، وَسَيْرٌ مَعْنَوِيٌّ ، كَذَلِكَ إِذَا اعْتَبَرْتَهَذَا الْمَعْنَى
فِي الْحُدُودِ وَالْأَحْكَامِ تَجِدُهُ وَاضِحًا - قَسَّمْتَ أَحْكَامَ
الْأَعْمَالِ إِلَى : وَاجِبٍ ، وَمَنْدُوبٍ ، وَمُبَاحٍ ، وَمُحَرَّمٍ
وَمَكْرُوهٍ ، فَكَانَ هَذَا مُرِيحًا لَنَا مِنْ تَمْيِيزِ الْخَيْرِ مِنَ
الشَّرِّ بِأَنْفُسِنَا وَاجْتِهَادِنَا ، فَبَيَانُ الْأَحْكَامِ بِالْهِدَايَةِ
الْكُبْرَى